الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صفة جزيرة العرب (نسخة منقحة)
.اختلاف الناس في عرض الأقاليم وطولها: أما العرض فإن من الناس من يعد الإقليم الأول من حد وتر خط الاستواء إلى أقصى حده من الشمال، ومنهم من يجعل البحر الزِّنجي حاجزاً بين الإقليم الأول بين وسط خط الاستواء، وذلك ما عرضه ثماني درجات وخمس وعشرون دقيقة وساعاته اثنتا عشرة ونصف ومن الخلفة في عرضه ما يخالف به حساب صنعاء في عرضها وعرض مأرب وظلهما، وذلك أنهم يذكرون أن ظل رأس الحمل بصنعاء ثلاث أصابع وعشر، وعرضها أربع عشرة ونصف، ومأرب سبأ يكون مثل ذلك لأنها محاذية لها على خط السَّمت الطولي فهي مشرق صنعاء وصنعاء مغربها وبينهما مسافة يومين للمفرد، وارتفاع سهيل عليها حسَّاب صنعاء، وأما قياس طوله المأموني فقد يخالفهم شيئاً، وهذا دليل على أن وسط هذا الإقليم وادي نجران من أرض اليمن ومكة آخر حد اليمن، ومما يعدل قولهم أنا نجد عرض مدينة سبأ لبطليموس ستة عشر جزءاً وربعاً وخمسا من جزء، وهي على ما ذكرناه، ثم نجده جعل عرض ظفار أربعة عشر جزءاً، وهذا من قياسه بظفار يشهد لحسّاب صنعاء لأن ظفار على ذائرة انتصاف نهار صنعاء من جهة الجنوب وبينهما بالتقريب ثلاثة أيام، ولعل بطليموس أراد فلاة مأرب أرض سبأ فهي فلاة يشرع عليها بيحان ومأرب والجوف ونجران والهجيرة وأعراض ترج وبيشة وتبالة، وكان أشهر هذه المواضع الشارعة على هذه الفلاة مدينة سبأ.وأما الطول فإن أهل المغرب من اليونانيين والروم نظروا أقصى عماراتهم فكان ذلك منها بالقرب من البحر المظلم الآخذ على ما بين شمال المغرب وجنوبه فصيروه الحد، ثم جعلوا نهاية الطول في المشرق على مسافة اثنتي عشرة ساعة وهو ثمانون ومئة درجة مستقيمة. إذ كان جميع دوائر آفاق البلدان يقطع من الفلك ظاهراً وباطناً على هذا المقدار، وأما أهل المشرق من الهند ومن يليهم ومن الصين وغيرها فإنهم خالفوا اليونانيين فجعلوا أول المشرق خلف الذي جعله أولئك بثلاث عشرة درجة ونصف وهو قدر ساعة إلا عشراً، ثم جعلوا حد المغرب دون ما جعله أهله بهذا المقدار، وصار كل واحد من الفرقتين يجعل قبة الأرض التي يحسب عليها مواضع الكواكب على تسعين درجة من حده الذي حده، فأما أهل المشرق فإنهم جعلوا مبتدأ العمران من حيث يبلغه البالغ في أقاصي الصين كالمواضع التي يبلغها البالغ بعد حدود الأقاليم في الشمال ويكون أول مطلع الشمس على هذا الحد وهو نصف ليل أهل القبة التي وضع عليها حساب السِّند هند، فمن عمل بأطوال بطليموس من هؤلاء فإنه ينقص من أطواله ثلاث عشرة درجة ونصفا ليكون ما يبقي بعد مدينته من المغرب ثم ينقص ذلك من مئة وثمانين، فإن كان ما يبقى أقل من تسعين فمدينته خلف القبة إلى ما يلي المشرق، وإن بقي أكثر من تسعين درجة فمدينته دون القبة إلى المغرب، وإن بقي تسعون فهي تحت دائرة انتصاف نهار القبة، ومثال ذلك أن بطليموس جعل طول ظفار باليمن ثمانية وسبعين جزءاً، فإذا نقصناها من ثمانين ومئة جزء بقي مئة وجزءان وهو طولها من المشرق على حد المغربيين، وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بأربعة أخماس ساعة، فهذا المقدار لمن أخذ بقول بطليموس، ومن أخذ بقول أصحاب السَّند هند فإنه ينقص من طول ظفار الذي ذكرناه ثلاث عشرة درجة ونصفاً، فيبقى أربع وستون درجة ونصف وهو طولها من المغرب عند من يرى رأي أهل المشرق، فإن نقص هذا الطول من طول ثمانين ومئة بقي مئة وخمسة عشر جزءاً ونصف وهو طولها من المشرق، وتطلع عليها الشمس بعد طلوعها على أهل القبة بساعة مستوية ونصف وخمس ساعة. وطول صنعاء عند حسابها من المشرق مئة وثمانية عشر جزءاً وهو يخالف طول ظفار لبطليموس لأن طولهما لا يكون إلا واحداً..ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض على الجملة: لما كانت الكواكب مشتركة التدبير في بقاع الأرض خالطة بين الوسط والطرف كان من حسن التأليف وانسياق النظام أن نذكر الكل ليعرف ما لجزيرة العرب من الطبائع الخاصيِّة والعاميَّة، وأن يظهر ما وسمها به الحكماء مما في أهلها موجود ومعاين، فأما في الجملة فإن العامر من الأرض الأعلى من ربيعها الشماليين هو عنده على ثلاث خبَّات متفاوتة. فالخبَّة الأولى ما كان من خط الاستواء تحت مجاري الكواكب إلى مسامته منقطع الميل من رأس السرطان، وذلك سمت ما بين مكة والمدينة وما حاذاه شرقاً وغرباً، والخبَّة الثانية من هذا العرض إلى ما زاد على الميل مثل نصفه، وذلك حيث يكون العرض ستة وثلاثين جزءاً من المشرق إلى المغرب، والخبَّة الثالثة من هذا العرض إلى أقصى العمران ومسامته من الفلك مدار بنات نعش.قال: فالذين مساكنهم فيما بين رأس الحمل ورأس السرطان وهو ما بين خط الاستواء وموسط الحجاز وما أخذ أخذه شرقاً وغرباً فقد يعرض لهم أن الشمس يحرقهم ممرها على سمت رؤوسهم، فتكون أبدانهم سوداً وشعورهم سوداً جعدة كثيفة ووجوههم قحلة وجثثهم قصيفة وطبائعهم حارة وأخلاقهم في أكثر الأمر وحشية لدوام الحر في موضع مسكنهم واتصاله بهم. قال: وهم الذين نسميهم باسم عام الحبش. ولسنا نراهم على هذه الحال من الحرارة فقط بل يظهر الحر الشديد في الهواء المحيط بهم أيضاً في سائر الحيوان والنبات الذي عندهم. قال أبو محمد: إن الحكيم وإن نسب هذه الخبة إلى الحبشة فإن الحبشة أقل من فيها وفيها من هو أشد سواداً منهم ومن هو أصفى منهم ألواناً ومن يخالف الجميع بالبياض وباعتدال الألوان وبالخضرة والأدمة مثل ساكني طرف هذه الخبة من الصين ومن جزيرة العرب، ولذلك علل قد ذكرناها في كتاب سرائر الحكمة. قال بطليموس: وأما الذين يسكنون تحت مدار بنات نعش فإنهم لما كان بعدهم عن فلك البروج وعن حرارة الشمس بعداً كثيراً صار البرد عليهم أغلب ولما كان ما يصل إليهم من الرطوبة شيء كثير غزير الغذاء ولم يكن هناك حرارة تنشفها صارت ألوانهم بيضاء وشعورهم سبطاً وأبدانهم عظيمة مخصبة، وطبائعهم مائلة إلى البرد، وأخلاق هؤلاء القوم أيضاً وحشية لدوام البرد في مواضع مساكنهم اتصاله، وكلما وجد فيهم فهو موجود في دوابهم وثمارهم من العظم والقوة واختلاف التأليف.وأما الذين يسكنون في الوسط فيما بين مدار بنات نعش ومدار رأس السرطان، فإن الشمس لما كانت لا تصل إلى موضع سمت رؤوسهم- ولم يكن بعدها عنهم في أوقات انتصاف النهار بعداً كثيراً، فكان مزاج هوائهم معتدلاً فكان قد يختلف إلا أنه لا يعرض له تغير كثير من الحر إلى البرد ومن البرد إلى الحر- صارت ألوان هؤلاء متوسطة ومقادير أبدانهم معتدلة وطبائعهم حسنة المزاج ومساكنهم متصلة وأخلاقهم أنيسة. ومن كان من هؤلاء يميل إلى ناحية الجنوب فهو في أكثر الأمر أذكى وأحيل وأقوى على العلم بأمور الآلهة لقرب فلك البروج والكواكب المتحيرة من موضع سمت رؤوسهم، وحركات أنفسهم تليق بحركات الكواكب في سرعة وقوفها على الشيء، وإنها ذوات فحص ونظر في العلوم التي تسمى التعليمية- أي علم النجوم والحساب- كأنه يريد أداني بابل فبلد فارس فذاهبا إلى المغرب على أرض مصر وجزيرة يونان- ومن كان منهم بالجملة مائلاً إلى ناحية المشرق فهم أكثر تذكراً وأقوى انفساً ويظهرون جميع أمورهم، لأن ناحية المشرق من طباع الشمس وهي ناحية نهارية مذكرة ومتيامنة، كما يرى في الحيوان أن الأعضاء المتيامنة منه أقوى وأعون على الشدة والجلد ويكون دواب هذه الناحية أقوى وأعمل وأصبر من غيرها. وأما الذين يميلون إلى ناحية المغرب فهم أكثر تأنيثاً وأنفسهم ألين ويخفون أمورهم في أكثر الأمر ويسترونها، لأن هذه الناحية قمرية ومن شأن القمر أبداً أن يكون أول طلوعه وظهوره بعد الاجتماع من ناحية مهب الرياح الغربية المسماة بالدبور، ولذلك يظن بهذه الناحية أنها ليلية مؤنثة متياسرة ضد الناحية الشرقية، وكل واحدة من هذه النواحي الكلية يلزم أن يكون فيها أحوال جزئية من أحوال الأخلاق والسنن الطبيعية، كما أن أحوال الهواء المحيط تختلف في المواضع التي ذكرناها حارة على أكثر الأمر أو باردة أو معتدلة على أكثر الأمر، وتخص مواضع وبلداناً منها بالزيادة والنقصان إما لمرتبة الموضع في الوضع وإما لارتفاعه وانخفاضه وإما لمجاورته ما يجاوره. وكما أن بعض الناس أيضاً فلاحون خاصة لسهولة أرضهم، وغيرهم نواتي وملاحون لقرب البحر منهم، وآخرون أهل خفض ودعة وأنس ويسار لخصب بلادهم وكثرة خيرها، وكذلك يجد الإنسان طباعاً خاصية في كل واحدة من البلدان من المشاكلة الطبيعية التي فيما بين الأقاليم الجزئية وبين الكواكب والبروج، وهذه الاختلافات التي ذكرناها إنما ذكرناها على أكثر الأمر لا على التبعيض على أنه لابد من أن نذكر جمل الأشياء لجزئية بالمقدار الذي ينتفع به..ما أتى عن بطليموس القلوذي في طبائع أهل العمران من الأرض على التبعيض والتجزئة: قال بطليموس الحكيم: لما انقسمت دائرة البروج بأربعة أقسام وهي- المثلثات لأن كل قسم منها ثلاثة أبراج على طبيعة من الطبائع الأربع التي هي النار والأرض والهواء والماء- انقسم عامر الأرض بأربعة أقسام كل قسم منها منسوب إلى قسم من المثلثات في الطباع لأن كل محيط بطبع ما أحاط به على قدر طبيعته، فأول المثلثات النارية هي الحمل والأسد والقوس، والمثلثة الثانية الترابية وهي الثور والسنبلة والجدي، والمثلثة الثالثة الهوائية وهي الجوزاء والميزان والدَّلو، والمثلثة الرابعة المائية وهي السرطان والعقرب والسمكة، فمثلثة الحمل لشمال المغرب ووالي تدبيرها الأول المشتري لأنه شمالي، ثم يليها بعده المريخ أنه مغربيّ، ومثلثة الثور لمقابلة هذا القسم وهو جنوب المشرق ووالي تدبيرها الأول كوكب الزهرة لأنها جنوبية، ثم يليها بعده زحل لأنه مشرقي، ومثلثه الجوزاء لشمال المشرق وصاحب تدبيرها الأول زحل لأنه مشرقي ويليها بعده المشتري لأنه شمالي، ومثلثه السرطان لما قابل هذا القسم وهو جنوب المغرب ووالي تدبيره الأول المريخ لأنه مغربي، ثم يليه بعد الزُّهرة لأنها جنوبية.قال: فلما كانت هذه الأشياء كذلك وكان وضع سكناها ينقسم إلى أربعة أرباع متساوية في العدد للمثلثات.أما عرضه فينقسم بالخط الذي يمر ببحرنا- يعني بحر الاسكندرية- ويبتدأ من الموضع الذي يقول مجاز إيراقليس ويأخذ إلى الخليج الذي يقال له أيسطيقوس وهو بالظهر الجبلي الذي يليه من ناحية المشرق وبهذا الخط ينفصل ما بين الناحية الجنوبية والشمالية منه، وينقسم طوله بالخط الذي يمر بالخليج العربي وباللُّجِّ الذي يقال له إيجيون وبفنطس وبالبحيرة التي يقال لها ماوطيس وهو الخط الذي يفصل به بين المشرق والمغرب فصارت هذه الأرباع المنقسمة بهذين الخطين موافقة في الوضع للمثلثات، والربع الواحد من أرباع هذا الموضع المسكون كله- أعني الذي فيما بين الشمال والمغرب- هو في ناحية البلاد التي تسمى قالطوغالاطيا وهي التي يعمها اسم أوروفا، وأمم هذا الربع الصقالبة وفرنجة الإسبان وترك المغرب في الروم وقالي قلا. والربع الذي يقابل هذا الربع- يعني بين الصبا والجنوب- هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الشرقية وهي الجزء الجنوبي من آسيا العظمى، والربع الثالث أعني الذي بين الشمال والصبا هو في ناحية البلاد التي يقال لها سقوتيا وهو الجزء الشمالي من أسيا العظمى، والربع المقابل لهذا الربع أعني الذي فيما بين مهبِّ الدبور والجنوب هو في ناحية البلاد التي يقال لها إتيوفيا الغربية وهي التي يعمها اسم بلاد ليبوا، يريد بشمال المغرب أرض الروم فما غرب منها وبشمال المشرق خراسان وما شرق منها وبجنوب المشرق السند والهند وما شرق عنها وبجنوب المغرب الحبش والزنج وما غرب عنها.قال أيضاً فإن لكل واحد من الأرباع التي تقدم ذكرها مما كان من أجزائه ما يلي وسط الأرض المسكونة، كلها فوضعه بقياسه إلى جميع ذلك الربع الذي هو منه ضد وضعه من جميع الأرض المسكونة، وذلك أن الربع المنسوب إلى أوروفا وهو الموضع بين الشمال والدبور من جميع الأرض المسكونة يكون وضع ما يلي منه وسط الأرض المسكونة يميل إلى الزاوية المقابلة للزاوية التي فيها ذلك الربع مائلاً إلى الجنوب والصّبا، وكذلك الأمر في سائر الأرض حتى يكون من ذلك لكل واحد من الأرباع مشاكل للمثلثتين المقابلتين وتكون الأجزاء التي تلي الوسط منه مائلة إلى الأمر الذي مال إليه ذلك الجزء الذي هو خلاف ما يميل إليه بكليته ويكون سائر أجزائه موافقة لمثل كلية الربع، وينبغي أن يؤخذ مع كواكب مثلثة ذلك الربع في المشاكلة الكواكب التي لها التدبير في تلك المثلثات الآخر، وينبغي في جميع المساكن أن يؤخذ الكواكب المدبّرة لتلك المثلثات فقط في كل واحد من أرباعها ما خلا الأجزاء التي وسط العمران منها، فإنه يؤخذ مع الكواكب المدبرة للمثلثات كوكب عطارد لأنه من حيز متوسط مشترك، فيجب من هذا الترتيب أن يكون الأجزاء الموضوعة فيما بين الشمال والدبور من الربع الأول الذي هو فيما بين الشمال والدبور من الأرض المسكونة أعني الربع المنسوب إلى أوروفا مشاكلة للمثلث الذي فيما بين الشمال والدبور وهو مثلث الحمل والأسد والرّامي وبالواجب صار المدّبرين لها ربّاً هذا المثلث أعني المشتري والمرّيخ إذا كاناً منسوبين إلى العشيات، والأمم الكلّية التي تسكن في هذه الأجزاء هي أهل بلاد الصقالبة بلاد برطانيا وغلاطيا وجرمانيا وباسطرنيا وإيطاليا وغاليا وأبوليا وسقيليا وطورينيا وقالطيقي وسبانيا وقد تمسى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه ويقال غالطية وإيطالية وأبولية وهي مدنية عظمية بمنزلة عمورية وسقيلية وهي سقيلية وطورينية بمنزلة قورينية وما كان منها مثل ملطية بمنزلة سلمية.قال فيجب أن يكون أهل هذه البلدان في أكثر الأمر بسبب رياسة هذا المثلث وبسبب الكواكب التي تشترك في تدبيره غير خاضعين محبين للحرية والسلاح والتعب محاربين أصحاب سياسة ونظافة كبار الهمم، ولما كان المشتري والمرّيخ مشتركين فيهم إذا كان في الحال المنسوبة إلى العشيات وكانت الأجزاء المتقدمة من هذا المثلث مذكرة والمتأخرة مؤنثة عرض لهذه الأمم أن لا يكون لهم غيرة في أمر النساء وصاروا مستخفين بمجامعتهن وهم في الذكورة أرغب وعليهم أغير ومن ارتكب ذلك منهم لا يرى أنه أتى فعلاً منكراً قبيحاً ومن ارتكب منه ذلك لا يرى أنه بالحقيقة عديم الرّجلة مسترخياً فيمتنع من أن يفعل به ويأخذون أنفسهم بالرجلة والمؤاساة والأمانة وصحبة القرب وباصطناع المعروف وهذه البلاد التي ذكرنا أولاً.أما بلاد برطانيا منها أو بلاد غالاطيا وبلاد جرمانيا وبلاد بسطرانيا فتشاكل الحمل خاصة والمريخ ولذلك صار سكانها في أكثر الأمر وحشيين متهورين، أخلاقهم قريبة من أخلاق السباع يعني متهورين لا دين لهم، وأما بلاد إيطاليا منها وبلاد أبوليا وبلاد سقلية فإنها تشكل الأسد والشمس ولذلك صار سكانها أصحاب سياسة وأصحاب اصطناع المعروف وأصحاب مؤاساة، وأما بلاد طورينيا منها وبلاد قالطيقيا وبلاد أسبانيا فإنها تشكل الرامي والمشتري ولذلك صار سكانها سليمي القلوب محبّي النظافة وأما الأجزاء التي في هذا الرّبع وما يقع في جزيرة العرب الماثلة إلى وسط الأرض المسكونة تراقا أي ترقة وما قادونيا أي مقدونية، وهي أرض مصر وايلورية واللآس وحايا والأصل أحايا واقريطس الجزيرة والبلد التي تمسى وقلادس وسواحل آسيا الصغرى وهي سواحل مصر وجزيرة قبرص وهي الأجزاء التي مما يلي ناحية الجنوب والصبا من هذا الربع فهي تشكل مع ما قلنا المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والصّبا أعني مثلث الثور والعذراء والجدي، وتشترك في تدبيره الزّهرة وزحل وعطارد، أيضاً ولذلك صار سكان هذه البلدان متشاهبين في الصور أكثر من غيرهم معتدلي الأبدان والأنفس، وهم أيضاً أصحاب سياسة أشداء غير خاضعين من أجل المرّيخ، وهم أيضاً محبون للحرية ينفرد كل واحد منهم بسنة خاصية له وبرياسة لنفسه ويخترعون السنن من أجل المشتري وهم يحبون الموسيقى أي الأغاني المليحة والتعليم والجهاد والتنظيف في تدبيرهم من أجل الزّهرة، وهم أصحاب مؤاساة يحبون إضافة الغرباء والعدل والكتاب واستعمال الكلام من أجل عطارد، كاتمين للأسرار من أجل مشاكلتهم الزهرة إذا كانت منسوبة إلى العشيات وأيضاً فإن هذه البلدان إذا فصّلت وجزئت صار الذين يسكنون بلاد قوقلادس وسواحل آسيا الصغرى وقبرس مشاكلين خاصة للثور والزهرة ولذلك صاروا في أكثر الأمر مترفين محبين للنظافة معتنين بأمر البدن أي يؤثرون لذة الأبدان من المطعم والمشرب والملبس والملمس والشم والسماع، وصار الذين يسكنون الآس وأحايا واقريطيس مشاكلين للعذراء وعطارد، وهم لذلك أصحاب منطق خاصة يحبون التعليم ويقدمون العناية بأمر النفس على البدن أي يؤثرون لذة أرواحهم من الحكمة والعلم والنظر في غوامض الأمور، وصار الذين يسكنون بلاد مقدونية وتراقا وإيلورية مشاركين للجدي وزحل ولذلك يحبون الملك وليست أخلاقهم بأنيسة ولا يشتركون في الأشياء السنية. خ إذا كانا منسوبين إلى العشيات، والأمم الكلّية التي تسكن في هذه الأجزاء هي أهل بلاد الصقالبة بلاد برطانيا وغلاطيا وجرمانيا وباسطرنيا وإيطاليا وغاليا وأبوليا وسقيليا وطورينيا وقالطيقي وسبانيا وقد تمسى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه ويقال غالطية وإيطالية وأبولية وهي مدنية عظمية بمنزلة عمورية وسقيلية وهي سقيلية وطورينية بمنزلة قورينية وما كان منها مثل ملطية بمنزلة سلمية. قال فيجب أن يكون أهل هذه البلدان في أكثر الأمر بسبب رياسة هذا المثلث وبسبب الكواكب التي تشترك في تدبيره غير خاضعين محبين للحرية والسلاح والتعب محاربين أصحاب سياسة ونظافة كبار الهمم، ولما كان المشتري والمرّيخ مشتركين فيهم إذا كان في الحال المنسوبة إلى العشيات وكانت الأجزاء المتقدمة من هذا المثلث مذكرة والمتأخرة مؤنثة عرض لهذه الأمم أن لا يكون لهم غيرة في أمر النساء وصاروا مستخفين بمجامعتهن وهم في الذكورة أرغب وعليهم أغير ومن ارتكب ذلك منهم لا يرى أنه أتى فعلاً منكراً قبيحاً ومن ارتكب منه ذلك لا يرى أنه بالحقيقة عديم الرّجلة مسترخياً فيمتنع من أن يفعّل به ويأخذون أنفسهم بالّرجلة والمؤاساة والأمانة وصحبة القرب وباصطناع المعروف وهذه البلاد التي ذكرنا أولاً أما بلاد برطانيا منها أو بلاد غالاطيا وبلاد جرمانيا وبلاد بسطرانيا فتشاكل الحمل خاصة والمريخ ولذلك صار سكانها في أكثر الأمر وحشيين متهورين، أخلاقهم قريبة من أخلاق السباع يعني متهورين لا دين لهم، وأما بلاد ايطاليا منها وبلاد أبوليا وبلاد سقلية فإنها تشكل الأسد والشمس ولذلك صار سكانها أصحاب سياسة وأصحاب اصطناع المعروف وأصحاب مؤاساة، وأما بلاد طورينيا منها وبلاد قالطيقيا وبلاد أسبانيا فإنها تشكل الرامي والمشتري ولذلك صار سكانها سليمي القلوب محبّي النظافة وأما الأجزاء التي في هذا الرّبع وما يقع في جزيرة العرب الماثلة إلى وسط الأرض المسكونة تراقا أي ترقة وما قادونيا أي مقدونية، وهي أرض مصر وايلورية واللآس وحايا والأصل أحايا واقريطس الجزيرة والبلد التي تمسى وقلادس وسواحل آسيا الصغرى وهي سواحل مصر وجزيرة قبرص وهي الأجزاء التي مما يلي ناحية الجنوب والصبا من هذا الربع فهي تشكل مع ما قلنا المثلث المنسوب إلى ما بين الجنوب والصّبا أعني مثلث الثور والعذراء والجدي، وتشترك في تدبيره الزّهرة وزحل وعطارد، أيضاً ولذلك صار سكان هذه البلدان متشاهبين في الصور أكثر من غيرهم معتدلي الأبدان والأنفس، وهم أيضاً أصحاب سياسة أشداء غير خاضعين من أجل المرّيخ، وهم أيضاً محبون للحرية ينفرد كل واحد منهم بسنة خاصية له وبرياسة لنفسه ويخترعون السنن من أجل المشتري وهم يحبون الموسيقى أي الأغاني المليحة والتعليم والجهاد والتنظيف في تدبيرهم من أجل الزّهرة، وهم أصحاب مؤاساة يحبون إضافة الغرباء والعدل والكتاب واستعمال الكلام من أجل عطارد، كاتمين للأسرار من أجل مشاكلتهم الزهرة إذا كانت منسوبة إلى العشيات وأيضاً فإن هذه البلدان إذا فصّلت وجزئت صار الذين يسكنون بلاد قوقلادس وسواحل آسيا الصغرى وقبرس مشاكلين خاصة للثور والزهرة ولذلك صاروا في أكثر الأمر مترفين محبين للنظافة معتنين بأمر البدن أي يؤثرون لذة الأبدان من المطعم والمشرب والملبس والملمس والشم والسماع، وصار الذين يسكنون الآس وأحايا واقريطيس مشاكلين للعذراء وعطارد، وهم لذلك أصحاب منطق خاصة يحبون التعليم ويقدمون العناية بأمر النفس على البدن أي يؤثرون لذة أرواحهم من الحكمة والعلم والنظر في غوامض الأمور، وصار الذين يسكنون بلاد مقدونية وتراقا وإيلورية مشاركين للجدي وزحل ولذلك يحبون الملك وليست أخلاقهم بأنيسة ولا يشتركون في الأشياء السنية. |